أقوال في مجرى الأحوال (4) , (5)




حلّت الذكرى ال59 لما يطلق عليه ثورة 52. حيث أنها كانت إنقلاباً عسكرياً , قام به مجموعة من ضباط الجيش . وظلت مصر تحت هذا الحكم العسكري , حتى يوم 24 يناير الماضي . وجاءت ثورة الخامس والعشرين من يناير لتكون بمثابة  إعلان تاريخي لنهاية حكم العسكر الذى استمر لمدة نصف قرن وعقد من الزمان .وهناك من يحاول عقد مقارنة بين 23يوليو  وثورة 25 يناير , وبالطبع لا وجه للمقارنة بين إنقلاب  عسكري قام به حفنة من العسكر وبين ثورة شعبية قامت بها الملايين . فالشعوب هي التي تصنع الثورات ، والجيوش هي التي تصنع الإنقلابات . الثورات الكبرى في التاريخ مثل الثورة الفرنسية والأمريكية , هي من صنع الشعوب . ومن أبرز عيوب 23 يوليو أنها عملت على عسكرة الداخل (المجتمع المصري ) والخارج (الوطن العربي ), إن لم يكن كله , فعلى الأقل معظمه.فقد قامت باستنساخ انظمة الحكم العسكري, على طول وعرض الوطن العربي. وأصبح كل حاكم عسكري يتعامل مع شعبه كأنه كتيبة من الجنود , وهو قائد الكتيبه. وأن على الشعب فقط الطاعة العمياء للقائد المبجّل !!!
إن الحكم العسكري الذي يصح أن تحكم به كتيبة أو فرقة , لايصلح أن تحكم به مجتمع ودولة . فالمجتمعات المدنية الحديثة عماد سياستها هو إسلوب الحكم الديمقراطي , عن طريق التعددية وتداول السلطة وإحترام حقوق الإنسان ,والمحاسبة  والمساءلة والمكاشفة والشفافية والعدالة الاجتماعية ,عدالة توزيع الثروة, وحرية الرأي والفكر والاعتقاد , والمساواة أمام القانون (قضاء مستقل ) . وكل ذلك لم يعترف به الحكام الطغاة اللذين حكمونا طوال تلك السنوات. وذلك لسبب بسيط , أن لا أحد منهم جاء إلى الحكم عن طريق صناديق إنتخابية نظيفة , بل جاءوا على ظهور الدبابات .
    عادل دعبس                                                          
Adel00110@yahoo.com



أقوال في مجرى الأحوال (5)

إن من ينظر إلى المشهد السياسي في مصر ,يراه مليئاً بالتناحر والتشرزم والتفكك  بين القوى السياسية , والتي كانت بالأمس القريب متوحدة تحت راية الثورة . ولعل ذلك مرده الأساسي يعود إلى غياب (الجبهة الوطنية القائمة على ركيزتين أساسيتين هما الوحدة والصراع ) . فلابد لكل القوى على اختلاف انتمائها السياسي , والتي تنتمي بالأساس إلى الثورة أن تتحد جميعها تحت مظلة الجبهة الوطنية , على أن يكون برنامجها الرئيسي في هذه المرحلة هو العمل على تحقيق وإنجاز أهداف ومطالب الثورة , وأن تؤجل مرحلة الصراع والاختلاف فيما بينها , إلى مابعد إنجاح مهام الثورة . إن مايحدث الآن من صراع بين القوى والأحزاب السياسية على برامجها ورؤاها الحزبية هو بالضبط , عملية حرق المراحل , والمستفيد الأول من ذلك هم كل أعداء الثورة . إننا الآن في المرحلة الراهنة ,  نحتاج إلى التوحد والتكتل , وهذا لن يتحقق إلّا من خلال العمل على تكوين الجبهة الوطنية لكي تندرج تحت لوائها كل القوى السياسية المؤمنة بضرورة إنجاز المهام العاجلة للثورة.على أن يكون الصراع السياسي والتنافس الحزبي بين القوى السياسية المختلفة , مرحلة لاحقة  .

     عادل دعبس
Adel00110@yahoo.com